الأربعاء، 11 فبراير 2015

الجيران لبعضها... في ألمانيا أيضاً..

عندما جئت إلى ألمانيا، منذ ١٢ عاماً، (!!!! هل مضى كل هذا الوقت!!!)، جئت وأنا أحمل معي كل ما يمكن من الأفكار المسبقة، خاصة فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية، والجيرة والصداقة.. إلخ إلخ إلخ

فكنت أظن أن الألمان شعب "بارد" لا يهتم بالعلاقات، وأنهم "في حالهم" ولا يسأل الجار على جاره، لا بالخير ولا بالشر... كنت أظن أننا نحن المصريون نتميز بالحرارة في العلاقات والحميمية والجدعنة.. حتى بدأت تلك الأفكار المسبقة تتلاشى واحدة تلو الأخرى... فاكتشفت أن الجيران الألمان أيضاً لبعضهم!!! وأن النبي الألماني أيضاً وصى على سابع جار!!!

أذكر أول جولة لي في شوارع بون، عندما وجدت سيدة ترحب بي وتقول لي صباح الخير بالألمانية، وأنا أحاول أن أتذكر أين وكيف عرفتها، لأكتشف بعد السلام من شخص آخر، أنها كانت ترحب بي فقط من باب "الأدب".

بل أكاد أدعي أن الألمان في المنطقة التي أعيش فيها، في مدينة بون، أكثر اهتماماً بجيرانهم.. في العمارة الأولى التي سكنا فيها، كان معظم السكان من كبار السن، سيدتان تعيش كل منهن وحدها، وأختان تعيشان مع بعضهما البعض وسيدة تعيش مع زوجها.. الكل يهتم بالآخر، سواء من باب الاهتمام والجيرة أو من باب الفضول!!! (الذي لم أتوقعه أبدا نظراً لكل الأفكار المسبقة أن الأجانب في حالهم) .. لأدرك أن الألمان في نهاية الأمر "بشر" وأن كل البشر متشابهون.. منهم من يهتم بجيرانه وعلاقاته ومنهم الفضولي ومنهم "اللي في حاله".. ولأكتشف أنهم في عاداتهم وتقاليدهم يهتمون بالسؤال على بعضهم البعض، فعندما سافرت وجدت جارتنا المسنة تسأل زوجي إن كان بحاجة لشيء، أو أكل يأكله، في عدم وجود زوجته!!! ثم اكتشفت أن هناك ما يسمونه "حفل الشارع" وهو حفل سنوي فائدته الوحيدة هو التعرف على الجيران وقضاء وقت ممتع معهم!!

قلت ربما يتعلق الأمر بالوحدة وكبر السن.. حتى انتقلنا لمنطقة أخرى، معظم سكانها عائلات من أعمار مختلفة، ولأجد الاهتمام بالجيران ليس أقل حرارة من قبل، بل على العكس، فهم هنا يهتمون ببعض لدرجة أعتبرها أنا، بنت القاهرة، فضولاً في أحيان كثيرة... فأنا في القاهرة لا أعرف معظم جيراني وأقصى علاقتي بهم هي "صباح الخير يا جاري انت في حالك وانا في حالي"..


أما هنا فهم يسألون على بعضهم البعض ويسألون عما يمكن تقديمه من مساعدة في حال السفر او المرض، أو بعد الولادة.. بل ان هناك جارة تهتم في كل مناسبة بصنع هدية، تصنعها بنفسها وتعلقها على باب كل بيت من بيوت الجيران!!!

لا أنكر أنني أحياناً أتهمهم بالفضول والتدخل في شؤون الآخرين، فأنا لم أتعود على هذه العلاقات بين الجيران، ولكني أقدر أيضاً مثل هذه اللفتات ومثل لفتة أن اجد احتفال بي وبابنتي بعد عودتنا من المستشفى بعد الولادة.. في وقت نسى بعض أصدقائي المقربين حتى أن يتصلوا بي تليفونياً للتهنئة..

إنهم يحتفلون معاً ويتابعون أخبار بعضهم البعض ويهتمون ببعضهم البعض، ونحن أصبحنا نجهل في مصر حتى أخبار أصدقائنا، ثم نتهمهم بال"برود" وعدم الاهتمام بالعلاقات الإنسانية!!! 

ليست هناك تعليقات: