الخميس، 26 مايو 2011

نفسي في سلطة!!!

أنا من محبي الخضار والفاكهة... لكن هذا لا يمنعني أن أمتنع عن أكلها منذ أيام، أصل العمر مش بعزقة :))) ولمن لا يعلم، فهناك أخبار عن انتشار بكتريا قاتلة في ألمانيا، ولا يعرف أحد سببها بالضبط، لكن عدد من العلماء في عدد من المعاهد الموثوق بها شاكين في الخضار بشكل عام، خاصة غير المطبوخ منه... وبالتالي فمن الأفضل تفادي هذه المأكولات في الوقت الحالي، فالنتائج مريعة ... إسهال دموي... فشل كلوي... وفاة............ ياماما...
لكني اليوم لأول مرة أفكر ف هذا الخبر بطريقة مختلفة، والبركة في بعض التقارير الإذاعية والحوارات مع المزارعين، وأيضاً في تقرير نشرته مجلة شبيغل، تقابلت فيه مع عدد من المزارعين وبائعي الخضرات، وهم يشكون أمر الشكوى من أثر التقارير الإعلامية المفزع على حالتهم الاقتصادية، فهم يؤكدون أن هناك قلة مندسة فقط ممن يشتروا الخضروات حتى الآن، وفي غالب الأمر هم إما من الانتحاريين أو من الجهلة الذين لا يدرون ماذا يفعلون... (وأنا والحمدلله متنورة ومتعلمة وبقرا الجرايد)....
وفوجئت اليوم مفاجأة جديدة، فقد كنت أظن أن هذه البكتريا لم تظهر إلا هذا العام، أو لم يتم اكتشافها من قبل، لكني فوجئت أنها موجودة، وتظهر في مثل هذا الوقت من كل عام، وكل الجديد في الأمر هو زيادة حالات الإصابة... وهو طبعاً أمر خطير، لكني أكاد أجزم أن وسائل الإعلام جعلت منه أمراً لا يمكن التعايش معه، وزرعت بداخلي خوفاً حقيقياً من أكل مثل هذه الخضروات (أصله ماعداش على مصر)...
وفي الغالب أنا كمصرية بالذات، ماكانش المفروض أفكر كده، ده أنا كنت باكل في المطاعم في مصر... وسندوتشات الشاورمة من الشارع...
كل هذا لا يعني طبعاً أن خطر الإصابة بعيد عني، لكنه يعني بالتأكيد أن تقارير الصحافة جعلتني أتخذ موقفاً مغايراً لما كنت سأفعله في حياتي الطبيعية، فأنا كنت أسمع دائماً تحذيرات أمي وغيرها من الأكل في الشارع في مصر، وكنت أعرف أن هناك خطرا حقيقياً للإصابة بالأمراض لكني كنت آكل، فما الذي حدث لي؟؟؟
وماذا حدث لوسائل الإعلام حتى أصبحت بهذه الخظورة؟؟؟ وبهذا التأثير الضخم؟؟؟؟ هو تساؤل॥

الجمعة، 20 مايو 2011

أن تكون من "الأٌقلية" وأنت في بلدك....

أقلية.. أقلية..

أعرف معنى أن أنتمي للأقلية.. وأنا منذ عدة سنوات أعيش في ألمانيا، وأنتمي رسمياً وثقافياً للأقلية... الأقلية المصرية.. . أعرف معنى أن أكون من الأقلية المصرية في ألمانيا... أعرف جيداً هذا الشعور...

عندما أجدني لا أضحك على نكتة يطلقونها، لأني -وإن كنت أفهم اللغة- لكني لا أفهم ما وراء الكلمات..

أعرف ما معنى أن أستخدم لفظ ما -بمعناه اللغوي الصحيح- ولكن في غير سياقه، لأني لا أدرك ولا أشعر فعلاً باللغة، فهي ليست لغتي الأم...وقد يضعني هذا الأمر في موقف محرج..

أعرف ما معنى أن أتساءل لماذا يتعامل معي البعض بهذه الطريقة غير المهذبة، وكل ما في الأمر أنه تعامل من منطلق مفاهيم ثقافية أخرى.. فأنا أذكر، عندما دعيت للعشاء لأول مرة في بيت صديقة ألمانية، وعرضت علي أن آكل أو أشرب، فاعتذرت طبعاً من الإحراج، فأنا أول مرة أدخل بيتها: شكراً.. وكانت النتيجة أن قضيت الليلة جائعة، وأنا أسب وألعن في قلة ذوقها، حتى عرفت أنه من غير اللائق أن تلح علي في العزومة، لأن الأكل موجود وقد يكون لدي سبب شخصي لرفضه.. وعلى النقيض أعرف ما معنى أن أتصرف تصرفات تبدو لمن أمامي أنها تصرفات غريبة، وربما أيضاً يجده تصرف غير حضاري، وأنا أظن أني تصرفت بمنتهى الشياكة بمفهومي المصري..

أعرف معنى أن أتحدث بغير لغتي في حياتي اليومية، وأحاول أن أدخل في دهاليز تلك اللغة، فأشعر بالغربة في كل مرة أتكلم فيها.. كل هذا أعرفه جيدا..

أما ما لم أكن أدركه فهو أني كنت أقلية في مصر أيضاً...

كنت أسمع... أتخيل ... لكني لم أكن أدرك هذا الأمر

كنت أعتقد أني من الأقلية المحظوظة في مصر، لأنها حظيت بفرصة للتعليم الجيد، ولم أفكر أبداً أني أقلية دينية.. كنت أسخر من بعض من يدعون بسبب أو بدون سبب أنهم مضطهدون ليبرروا فشلهم في أمر ما.. وكنت أسمع عن بعض الأحداث الطائفية، وأعتقد أنها أحداث نادرة تقوم بها أقلية مريضة..

كنت أعلم أن علي أن أفسر للناس في ألمانيا أني أنتمي "لأقلية الأقلية"، لأني رغم كوني مصرية، إلا أني مسيحية، وأؤكد لهم أن المسيحية موجودة في مصر قبل حتى أن تصل لهم في أوروبا، وأجد قليلين يدركون هذا الأمر، بينما الأغلبية تتعجب بشدة لوجود مسيحيين في الشرق الأوسط... وأوضح لهم الكثير والكثير.. لكن ما لم أكن أدركه، هو كم أحتاج أن أوضح للمصريين أني مسيحية... وما يعنيه أن أكون مسيحية وماذا أفعل في الكنيسة.. ...

وأتعجب عندما أجد كاتباً مثقفاً يستخدم لفظ "قبطي" ويطلقه على أي مسيحي، ويؤكد أنه "مش متعصب"، لأنه بيحب الفناانين الأقباط زي "فيروز"، مثلاً,... أن كلمة "قبطي" لاعلاقة لها بالدين...

ما علينا..

. كنت أعلم أن عقائدنا مختلفة، لكني لم أدرك كم كانت هناك مسافة بيننا، مسافة تركناها تزيد على مدى الأيام والسنوات .. لم أكن أعرف أن علي أن أوضح لمصري مثلي موعد عيد الميلاد أو عيد القيامة، وما الذي يعنيه أن تكون راهباً وما الذي يوجد داخل الأديرة أو ما الذي يدور داخل الكنائس، لأني كنت أظن أنه أمر معروف لا يحتاج لتفسير

..

لكني فوجئت أني أقلية في مصر أيضاً.. نعم أنا أنتمي للأقلية.. وكم هو صعب أن تعيش عمرك كله تنتمي للأقلية.. وكم هو صعب أن تنتمي للأقلية وأنت في بلدك

الجمعة، 13 مايو 2011

هو احنا فعلا نعرف بعض؟؟؟؟

هو احنا فعلاً عايشين مع بعض في سلام من آلاف السنين؟؟؟ هو احنا فعلاً نعرف بعض؟؟؟

يعني إيه "احنا"؟؟؟

أولاً مش عايزة حد يفهمني غلط.. أنا ممكن أدعي إني من أكتر الناس اللي عمرها ما بصت لحد وصنفته حسب دينه أو جنسه أو غيره.. والحقيقة أني فضلت ٥ سنين في الكلية، كتير من زملائي ما يعرفوش إن كنت مسيحية ولا مسلمة، وفي الشغل برضه، فضل ناس كتير يعيدوا علي في عيد الأضحى، ويفتكروني صايمة في رمضان، لأني اتعودت في رمضان ما أكلش قدام حد.. لكن... السؤال ده بقاله فترة طويلة بيتردد علي...وأعتقد أننا مش هينفع نصلح حاجة فعلاً غير لو اعترفنا أن فيه مشكلة، ولو حاولنا ندور على جذورها.. .

زي النباتات الضارة، اللي لو شلت بس الجزء الأعلى منها هتفضل تتعمق لغاية ما تتقتل كل الزرع اللي حواليها (وده تأمل واجب، حيث أني لسا منضفة الجنينة من النباتات الضارة)

بأسأله لنفسي، مع كل صورة مسيحي بتيجي في الأفلام وبأسأل نفسي، طب الراجل اللي عمل الفيلم، مسلم ومش عارف، مفيش ولا واحد من فريق العمل اللي شغال معاه مسيحي فاهم، أو مسلم تعامل مع مسيحيين أو زار كنيسة وعارف شكلها إيه بدل ما ينقلوا من الأفلام الأجنبية؟؟؟ كتير من التفاصيل في الفيلم، اللي بأشوفها أساسية كبحث في الفيلم،

وبتفكرني بفيلم أجنبي كان معمول عن المسيح ومتصور في تونس، والموسيقى التصويرية كانت "اللهم صلي على محمد""

...

كنت بأسأله لنفسي في الكلية، وأنا شايفة مجموعة المسيحيين المنعزلة، اللي بتقعد في الكافيتريا، ومن السهل التعرف عليهم..

كنت بأسمعه في تعليقات بسيطة لناس بسطاء جداً، زي هو "مش مسلم لكن رجل كويس".. وكأن الطبيعي أنه يكون غير كده

...

كنت بأسأله لنفسي واحنا أطفال في المدرسة، لما الراهبات كانوا بيزعقولنا لو واحدة مسلمة كان نفسها تدخل معانا الكنيسة (من باب الفضول ليس أكثر) واحنا ناخدها معانا، فناخد تهزيقة متينة.. لأنهم خايفين يتهموا بالتبشير، مع ان الموضوع ولا كان تبشير ولا بتاع، كان مجرد فضول أطفال عايشين مع بعض، وما يعرفوش حاجة عن بعض.. وكأن الكنيسة تابو... ممنوع يتكسر...

لما خرجت من حدود القاهرة في بعض الأوقات، واتعرفت على المجتمعات الأبسط، في الصعيد، اكتشفت أن فيه قرى كل سكانها من المسلمين، ويطلق عليهم البعض "العرب" وقرى معظم سكانها من المسيحيين...

ومن فترة قريت كتاب رفاعة الطهطاوي، تخليص الإبريز في تلخيص باريز... وبغض النظر عن إعجابي الشديد بالكتاب، بس لفت نظري فقرة بيتكلم فيها الطهطاوي عن الأقباط، أقباط مصر، اللي مش نضاف، واللي واللي.. يعني برضه وقتها كان فيه نوع من الفصل بين الجانبين ومن الأفكار السلبية عن الآخر..

ومن فترة مش بعيدة ابتديت أسمع عن أساطير كان بعض المسلمين مصدقينها عن الكنايس.. والأديرة وغيرها، وبقيت باشوف كتير من الخلط، حتى عند بعض المثقفين... واكتشفت أن المسلمين مقتنعين بحاجات مالهاش أي أساس من الصحة عن المسيحيين، وده ببساطة لأنهم اتمنعوا من أنهم يختلطوا بهم وبالتالي فهما ما يعرفوهمش...

أنا مقتنعة أننا شعب واحد في الأصل، شعب مصري دخل عليه تأثير بيزنطي وعربي وتركي وإيطالي وفرنسي وإنجليزي، ويمكن غيره وغيره، لكن شعب واحد، ولو شفت واحد مصري، أعرفه من بين مليون إنسان :)) ... لكن مقتنعة كمان إن فيه فصل كان حاصل بين المسلمين والمسيحيين، بدأ يمكن بفصل بين العرب والمصريين، وبعدين تحول لفصل بين المسلمين (العرب منهم أصلا، والمصريين والمختلطين ( وبين المسيحيين

يعني في الحقيقة أنه كان إلى حد كبير فيه نوع من الفصل والانعزال..وأعتقد أنه من السذاجة والتسطيح أننا نقول أننا طول عمرنا عايشين مع بعض زي الفل... لأن ده ولو كان حقيقي على مستوى بعض الناس، فهو مش حقيقي على مستوى الأغلبية.. والانفصال ده له جذور تاريخية، مش وليد اللحظة ولا حتى الخمسين سنة اللي فاتت بس وعشان كده في رأيي فيه مخزون من الطاقة السلبية.. .. ...

من ناحية تانية التيار الديني زاد بشكل كبير في الفترة الأخيرة، واكتشفت أن علاقاتي مع أصدقائي المسلمين قربت تنعدم.. ولقيت أمي، اللي عمرها ما كانت بتهتم بشئون الدين، أصبحت من أكثر المتحمسين للقنوات الدينية، ولو ضاعت قناة من القنوات المسيحية تزعل جداً..

وعمتي اللي كانت بتزور الكنايس خفافي، بقت مابتفوتش اجتماع.. طب هو إيه اللي حصل؟؟؟ ومفيش حد إلا وبقى بيكلمني عن قناة الحياة وقناة الحقيقة وغيرها..

طب يا ترى إيه اللي حصل؟؟؟

وهل اللي حصل ده مجرد تغير، ولا هو خروج لكبت كان موجود من الأول، لأن جذور المشكلة عمرها ما اتشالت؟؟؟

أعتقد أننا فعلاً لازم نشيل الورم ونشيل النبات الطفيلي من جذوره، عشان ما يفضلش "اللي في القلب في القلب" وكل حبة زيت يشعللوا حريق جديد..

الأحد، 10 أبريل 2011

"وإوعى تخاف من البوليس داحنا ساكريكير رمسيس"

كنا في أثناء أيام الدراسة نردد هذه الأغنية خلال كل رحلة نقوم بها، ونحن نطالب السائق، المنتمي إلى مدرستنا الجليلة، ألا يلتزم بقواعد السرعة، وألا يخشى من شيء.. .فنحن بنات الساكركير، فمن يقف أمامنا، حتى من رجال الشرطة؟؟

وأنا الآن أتأمل تلك الأغنية الساذجة التي كنا نرددها.. وبغض النظر عما ترسخه من مبادىء الطبقية، التي اعتدنا عليها في مصر بشكل لا يجعلنا نتردد في أن نصف أشخاص بأنهم "ولاد ناس"، وكأن كل الآخرين ولاد كائنات أخرى... ما علينا، لكن ما لفت نظري أكثر شيء عندما تذكرت هذه الأغنية، هو "اوعى تخاف من البوليس"... طبعا في هذا السياق كان من الطبيعي أن "نخاف من البوليس"، لأننا نريد مخالفة القوانين، أما السؤال الذي خطر لي فهو، هل الطبيعي هو أن نخاف من رجال الشرطة؟؟؟ وبدأت أنظر لأقاربي وأصدقائي، وهم يستخدمون دائماً اسم "رجال الشرطة" لتخويف أبنائهم من أي مخالفة ممكنة..

واكتشفت أنني وبالفعل أخاف من البوليس!!!!! بشكل مرضي... رغم أنه لم يسبق لي التعامل مع رجال الشرطة في مصر.. ورغم أنني بطبعي ملتزمة جداً، وأحاول تفادي القيام بأي مخالفة، وكثيراً ما أختلف مع زوجي لو زادت السرعة كيلو واحد أثناء القيادة... لأنيي لا أريد المخالفة... ولكني أتوتر جداً عندما أرى ضابط شرطة..

وعلي الآن أن أبحث في الوعي واللاوعي عن سبب هذا الخوف المرضي...

أتذكر الآن أيامي الأولى في ألمانيا، أثناء الكرنفال في مدينة كولونيا، عندما رأيت رجل الشرطة وهو يرسم على وجهه، ويبتسم للناس ويساعد الأطفال للدخول وسط الزحام للحصول على الحلوى التي توزع.... وأنا أقول لنفسي... "شيء غريب فعلاً"....

وأتذكر نفسي وأنا أصور الاحتفالات بكاميرا فيديو، وأفاجئ بضابط شرطة، فأبعد الكاميرا لا إرادياً بتوتر شديد، وكأنني أتوقع منه أن يصادر الكاميرا، وأفاجئ به يبتسم لي ويلوح للكاميرا لكي أصوره!!! "غريب جداً"..

أتذكر عندما كنت أمشي وحدي في وقت متأخر وأشعر بخوف في محطة المترو لوجود بعض المتسولين السكرانين، فأجد رجلي شرطة ظهرا من حيث لا أدري، وأوقفا هؤلاء الأشخاص لئلا يضايقوا المارين...

أتذكر مواقف كثيرة، فهمت فيها بالفعل ما تعنيه كلمة "الشرطة في خدمة الشعب"، وشعرت فيها بشيء من الطمأنينة، لشعوري أنني أستطيع أن أطلب البوليس إذا ما واجهني خطر ما في الطريق، وأنني سأجد من يحترمني ويسعى لحمايتي، دون أن أضطر أن أنتظر لساعات على الخط، ويا يلحقوني يا مايلحقونيش، ودون أن أضطر أن أبحث عن واسطة، لواء كده ولا حاجة، ودون أن أضطر إلى إثبات إني "بنت ناس"....

وأتذكر أننا في إحدى زيارتنا إلى مصر تعرضنا لحادث وأراد زوجي أن يتصل بالشرطة (يظهر أنه قعد في ألمانيا أكتر من اللازم)، ولن أكمل القصة...

لكني لا أنكر أنني مازلت أتوتر عندما أرى رجل شرطة في الشارع، لدرجة قد تدفعه للشك في!!!! وخلال حديثي مع صديقة سورية فوجئت أنها تعاني من نفس المشكلة، رغم أنها تعيش هنا منذ أكثر من ثلاثين عاماً... ويبدو فعلاً أن التعليم في الصغر كالنقش عالحجر..

لست مصابة بعقدة الخواجة، أو ربما مصابة بها (بما أني متربية عليها من زمان)، لكني أظن أن خبرة السفر الكثيرة مع بعض الاستعداد لتغيير أفكاري المسبقة عن تلك البلاد، تلك الأفكار التي بنيتها من خلال وسائل إعلام، لم أكن أعلم إلى أي مدى هي موجهة، ومن خلال كتاب وصفوا البلاد من وجهات نظرهم الشخصية. ولكني الآن أتحدث عما عشته في تلك الخبرات لأني سئمت تلك الأفكار التي يكررها الكثيرون دون سابق معرفة بالبلدان، أو بعد زيارة قصيرة لم تتعد أيام.. أريد أن أتكلم عما عشته هنا لسنوات...

الأحد، 6 فبراير 2011

رسالة إلى شباب 25 يناير ... شكراً


أعزائي شباب 25 يناير، شكراً....

شكراً على شجاعتكم ..

شكراً لأنكم قلتم ما لم نستطع كلنا قوله وفعلتم ما لم نجرؤ على فعله..

شكراً على المشهد المشرف للمظاهرات السلمية، رغم كل محاولات التشويه التي قامت بها الدولة وساهم فيها الإعلام..

شكراً لأنكم أعدتم لي الأمل في مصر، والثقة في أبنائها..

شكراً لأنكم أخرجتم من الشعب المصري أفضل ما فيه.. بعد أن كنا يأسنا جميعاً من أنفسنا.... وأنا لا أخفي أنني أشعر الآن بفخر شديد لأنني مصرية، وأتفاخر في كل مكان لأنني أعرف بعضكم.. . ممن ذهب إلى ميدان التحرير ....

كنت أتمنى أن أكون وسطكم الآن، أعيش ما تعيشونه، لكنني بعيدة... ولا أنكر، يوم 25 يناير، كنت في مصر، وقلت لن أذهب إلى ميدان التحرير، قلت أنني أخاف لأن لي بنت صغيرة مسئولة مني، ولكنني في حقيقة الأمر كنت خائفة على نفسي... خفت أن يتم اعتقالي، أو التحرش بي في الميدان أو ضربي.. لكنكم كسرتم الخوف..

عندما رأيت الصور وشاهدت ما حدث في ذلك اليوم شعرت أن مصر جديدة تولد بالفعل، وصلتني هذه الروح بينكم، التي تجمع كل الموجودين باختلافاتهم على هدف أكبر.. وسمعت شهادات بعض أصدقائي، وفرحت وخفت واختلطت داخلي المشاعر.. كنت أقول في الغالب من ذهب شباب ليس لديه مسئوليات أو أبناء، لكني وجدت من ترك أبنائه الصغار وذهب، ودفع حياته ثمناً لحريتنا جميعاً...

فشعرت بالخجل من نفسي ومن أنانيتي، وشعرت بفخر أشد بكم..

وبدأت أشعر أنني جزء من هذه المظاهرات، وتمنيت من كل قلبي أن تكمل وأن تنجح..

وانقطعت الانترنت، وخطوط التليفون المحمول، وقضيت تلك الأيام كالمجنونة أبحث عن أي أخبار أثق فيها، وأتابع كل القنوات الإخبارية وأكلم كل أصدقائي في مصر لأحاول أن أكون صورة عما يحدث.. البعض معترض، البعض ضد، والبعض مع ويدافع ومتعاطف، ويرى حتى أن هروب الأمن واختفائه أظهر قيماً مصرية كانت قد اختفت، فبدأ الجيران يحتمون ببعضهم البعض، وظهر تضامن كنا نسيناه... ظهر من قلب الخوف...

حتى هذه اللحظة كانت الصورة وردية، والتعاطف هو السائد..ومظاهرات مساندة في عدة مدن ألمانية..

وقررنا أن نقوم بمظاهرات مساندة لكم في دوسلدورف، مدينة قريبة مننا، لنتمكن من المشاركة، وجاء يوم الثلاثاء والمظاهرة المليونية، وشاركت أنا أيضاً في مظاهرة صغيرة الحجم جداً، فعدد المصريين في منطقتنا قليل، ولكني كنت أمشي في شوارع المدينة بفخر شديد، أريد أن أقول للجميع أنا مصرية، تبع شباب 25 يناير..

وبعد خطاب الريس وبعد أن بدأت المذبحة، عادت الانترنت، عادت لتفتح نقاشات طويلة، لتفرق بين الناس، ووجدت نفسي أدافع عنكم كالمجنونة، وأدخل في نقاشات وجدل مع عدد كبير من الأصدقاء، وكنت بالفعل في حالة ذعر، أشعر أن مجموعة من أفضل وأشجع شباب مصر سيتم القضاء عليها، أو على أقل تقدير سيتم القضاء على أحلامهم.. وهم في رأيي الأمل في غد أفضل لمصر.. فأخذت أحاول الدفاع كالمجنونة عنكم، دون أن أساعدكم فعلاً، فأنا بعيدة عاجزة..

لكنكم فاجئتوني مرة أخرى، فتلك المذبحة لم تزدكم إلا إصراراً وتحضراً، فواجهتم هذه الوحشية بمظاهرات سلمية، وأنا لا أعلم كيف استطعتم فعل ذلك..

قيل الكثير عن احتمال أن تكون خطة أو خدعة، وأنا لا أقصد فقط الإعلام، ولكن حتى أصدقاء أثق فيهم، ووضعت في اعتباري هذا الاحتمال، وإن كنت لا أصدقه ولا أقتنع به ولكن حتى وإن كان صحيحاً، فأنتم حولتموه إلى واقع أجمل بكثير من أي خطة في عقل أي شخص....

أشكركم لأنكم أعدتم لي الأمل في غد أفضل

أشكركم لأنكم أعدتم لي الثقة في الشعب المصري الطيب، الطيب بجد....

أشكركم على شجاعتكم وعلى تضحيتكم في سبيلنا جميعاً..

الثلاثاء، 4 يناير 2011

حزن شديد ينتابني.. مثل الكثير من المصريين، بسبب حادث الأسكندرية..

وقلق أشد يملؤني، خاصة وأنا بعيدة.. فهذا يشعرني بعجز أشد ..

يملؤني هذا الذعر الذي ينتابني في كل مرة أتصل بأمي وأجد تغيراً في صوتها، وأتساءل، هل تقول لي الحقيقة عندما تؤكد أنه "مجرد دور برد"... وأتمنى في تلك اللحظات لو كنت معها لأعرف ما يحدث.. ربما يكون هناك أمراً لا أستطيع تغييره، لكنني دائماً أتمنى أن أكون "موجودة"... وهذا ما أشعره الآن..

كنت أتمنى أن أكون "موجودة" في مصر، رغم أنني أعلم أنني كنت على الأرجح سأشعر بالعجز وأنا هناك أيضاً..

لذلك أكاد أقرأ كل ما يكتب، وأتابع كل برنامج وكل ما ينشر على الانترنت.. محاولة أن أفهم وأن أرسم صورة أوضح... ولكني مشوشة، وغالباً سيكون كلامي أيضاً مشوشاً... فأنا مازلت أحاول أن أفهم....

ما الفرق بين هذا الحادث والحوادث السابقة؟؟؟

عدد القتلى؟؟ هل نحصي الضحايا بالعدد؟؟ هل أصبحت حياة البشر مجرد أرقام، يزعجنا فقط الزيادة العددية؟؟؟

هل يزعجنا أننا قد نصبح "عراقاً جديداً"؟؟؟ كنت أتأثر بما أسمعه عن العراق، ولكني أدرك الآن أن الأمر لم يكن يهمني بالفعل، فقد كان "بعيداً".. فهل نريح أنفسنا دائماً ونقول "الحمد لله، الخطر بعيد عننا"؟ فهل نخشى الآن سنصبح "عراقا جديداً"، نحصي شدة الانفجار الجديد "بعدد القتلى والضحايا"؟؟؟

ليست هذه الحادثة الأولى، وعلى الأرجح لن تكون الأخيرة، فما الذي يجعلها تصدمنا جميعأ إلى هذا الحد؟؟؟؟

هل كون هذا الحادث وقع "ليلة رأس السنة"، أي في ليلة "كنا نريد الاحتفال فيها"؟؟؟ هل هذا يعني أنه لو وقع في أي يوم آخر، لا يوافق يوم عيد، لم يكن ليلقى كل هذا الاهتمام؟؟؟؟ لو مات الضحايا في يوم آخر، لكان الأمر أقل مأساوية؟؟؟؟؟

"مريم فكري" أصبحت رمزاً، لأنها عبرت عن أحلامها في العام الجديد وسعادتها بعام مضى... فماذا عمن لم يعبر عنها؟؟؟ أو ماذا عمن لم يكن لديه أحلام؟؟؟؟ هل هذا يجعله يستحق الموت؟؟؟؟

الإعلام المصري والعالمي والشعبي (المتمثل في الانترنت) يعبر عن هذا الحادث بشكل غير مسبوق؟؟؟؟ فهل هو مجرد "تنافس إعلامي" أم أن هناك اهتمام حقيقي بالمشكلة؟؟؟ وهل سنحاول توضيح الصورة فعلاً، أم سنسعى إلى الحفاظ على "سمعة مصر"... أصل مصر مالهاش إلا سمعتها!!

وعندما أرى بعض الإعلاميين يخلطون بين "ليلة رأس السنة" و"الكريسماس"، ولا يعرفون ببساطة أن "الكريسماس" هو
"عيد الميلاد"، ولا يعرفون أن رأس السنة ليس مناسبة دينية على الإطلاب، فهذا يعني أننا لا يمكن أن نقول "نحن نعيش معاً أقباط ومسلمين منذ قرون"!!! فإذا كان الإعلاميون المثقفون، النخبة، لا يعرفون هذا الأمر، فماذا أنتظر من ملايين الأميين؟؟؟؟؟

"الأيادي الخارجية" أصبحت البديل الجاهز للـ"مختل عقلياً"، فنحن نكره المواجهات، ومن الأفضل أن نتأكد "أن كله تمام في مصر".. وها هم الآلاف من الشباب يتهافتون ليكتبوا شعراً... (وفي هذا الموقف الصعيب الرهيب أقول شعرم)!!! والأغاني الوطنية تعلو، ويعيش الهلال مع الصليب.. وكله تمام.. وأنا حلو وانت حلو... وكثيرون يؤكدون إن كلنا "زي الفل مع بعض"، و"عمرنا ما سمعنا إن فيه مسلم ومسيحي" و"عمر ما حد سأل مين مسلم ومين مسيحي"..... وهو ما يعني أن كل الحوادث المتكررة على مر التاريخ كانت تقوم بها كائنات فضائية، لا تنتمي لمصر...

هل يمكن أن يكون هذا الانفجار "نعمة"، تجعلنا نفيق قبل أن تتابع الانفجارات ولا يمكننا رفع رؤوسنا؟؟؟ وهل ستستمر تلك المبادرات التي بدأت من الشباب، وهذا الشعور بالتضامن؟؟ أم ستبقى مثلما يحدث دائماً مجرد "هوجة"، تتلاشى مع مرور الأيام؟؟