الخميس، 20 نوفمبر 2014

البلطجي لا يفنى ولا يستحدث من العدم...

منذ بدأت أحداث الثورة والكل يشكو من البلطجة والبلطجية.. خوف مرضي يسود الكثيرين، معظم أصدقائي وأقاربي على أقل تقدير..
وبالطبع هناك العديد من الحوادث من سرقات وجرائم قتل وغيرها، لكنني لم أقف عند الأحداث الحالية.. وحيث أنني مقيمة في الخارج، فأنا لا أستطيع أن أمنع نفسي من مقارنة الأوضاع بين مصر منذ تركتها ومصر الآن..
كما أنني الآن، وقد شاهدت نمطا آخر للحياة، فلا يسعني إلا أن أقارن...
منذ سنوات وأنا أشعر بالكآبة بعد رحلتي لمصر، وأشعر بشيء من الغربة، ليس مصدره فقط أنني اعتدت حياتي الجديدة بالخارج، لكن مصدر من مصادره كان شعوري أنني أفتقد "الناس الطبيعية" في مصر.. ولا أقصد هنا إهانة أي شخص، لكني أقصد شعوري بأن مصر أصبحت مقسمة لفئات لا أجد فيها الفئة الوسطى التي كنت أنتمي لها.. فهناك فئة تحت خط الفقر المادي والثقافي.. وهناك فئة تغلق على نفسها في مجتمعات ومدن مغلقة لتتمكن من العيش...وتعيش وكأنها خارج حدود مصر.. ولا تبالي بما يحدث خارج حدودها....
خروجات الأصدقاء أصبحت تستفزني، لأنني لا أريد أن أنتمي لهذا المجتمع المزيف... غير الأصلي وغير الأصيل..
صوت اليأس كان الغالب على معظم من أقابلهم، حتى أكثرهم تفاؤلاً ورضا بالواقع... والرغبة في الهجرة الفعلية، أو الهجرة الداخلية إلى أحد هذه المجتمعات المغلقة... وأريد أن أذكر أهلي وأصدقائي أنهم كانوا يشكون زيادة نسب الجرائم، ويروون القصص عن البواب الذي قتل إحدى السكان، وسرق ما بشقتها...
حتى الأفلام تغيرت.. فشخصياتها غير حقيقية، وكأن كل المصريين يسكنون القصور ويصيفون في مارينا والمشتى في شرم الشيخ...
كما أن كل مسئول عن أمانه الشخصي، فلغة كثير من الأفلام الواقعية كانت تؤكد أن البلطجة هي الحل!!! نعم البلطجة...
والشخصيات الأشهر أصبحت خالتي فرنسا، واللمبي وأمثالهمأ، وأصبح الرأي السائد " خد حقك بدراعك عشان مفيش أمل غير كده"!!
عندما كنت أقود سيارتي، كنت أرى كل شخص يريد أن يثبت أنه يمتلك الشارع، وأنه يريدني أن أختفي، لأنني السبب الرئيسي في الازدحام.. كنت أرى البلطجة مع دخولي للمطار، عندما أرى العشرات يمرون أمامي لأن هناك من ينتظرهم ويسهل لهم أمورهم...وكنت أرى البلطجة عندما أقف في طابور، وأشعر أنني هواء.... لا أرى... فالكل يحاول تعدي دوري..
كنت أشاهد مئات البلطجية، بملابس مدنية...
وسؤالي الآن لماذا إذن تتعجبون من البلطجة؟؟؟ البلطجة هي السلوك الذي أصبح سائداً في مصر منذ سنوات..
فكل شخص يريد أن يختفي الآخر لأنه يزعجه، أو لأنه يستغله...
ولا يجد أحد حرجاً في أن يأخذ حق الآخر، سواء حقه في الطابور، أو في العيش أو في العبور أو في السبر في الشارع أو في الركن...
أليست كل هذهالسلوكيات بلطجة يومية؟؟؟؟
لقد قبلنا البلطجة في كل حياتنا، فلماذا نتعجب الآن من وجودها؟؟؟

(كتبت في 2011) 

ثقافة هالويين وثقافة سان مارتن!

في الحقيقة من أول ما جيت ألمانيا ماكنتش مهتمة قوي بقصة سان مارتن دي، بما انها حاجة للأطفال وماكنتش متابعة قصتها.. وفي الحقيقة كمان اني ماكنتش باحب فكرة الهالويين من غير ما اعرف بالضبط ليه كنت مش حباها..
بس مجرد فكرة ان العيال تلبس لبس عفاريت وحاجات مرعبة كنت حساها مش فكرة لطيفة..
لما تحولت لأم بقى بقيت بافكر في الحاجات بطريقة مختلفة تماماً.. يعني بقى جزء كبير من همي هو ايه تأثير الحاجات دي على الأطفال؟

لما بنتي كان عندها سنتين وكام شهر، كنا رايحين الحضانة بتاعتها وانا طبعاً مش في بالي نهائي موضوع هالويين ده بالذات انه مش منتشر في ألمانيا خالص والاهتمام به ما بدأش غير من كام سنة ومش اهتمام كبير كمان، بس دي كانت حضانة خاصة والمدرسة كانت أجنبية اصلا ومتأثرة بالثقافة الأمريكاني، دخلنا لقيناها مضلمة الدنيا ولابسة اسود في اسود وعاملة عفاريت في كل حتة، ولقيت البنت اتفزعت ومش عايزة تدخل، عادي رد الفعل الطبيعي لحاجة مرعبة زي هالويين بصراحة!!!
اما الشيء التاني المزعج بالنسبة في هالويين، غير انه احتفال بالأرواح والأشباح، هي سياسة "البلطجة" اللي بيعلمها للعيال.. المفروض انهم بيعدوا على الناس في البيوت و"يهددوهم" يا تدونا حاجة حلوة يا الأرواح الشريرة اللي هي احنا هتبهدلكم.. وبغض النظر عن الدعابة في الموضوع، لكن اعتقد ان الأطفال خاصة في السن الصغير بتتعلم كل القيم من كل اللعب والدعابات!!!

أما بقى سان مارتن، وهو الاحتفال الألماني السنوي اللي بيقام في ١١ نوفمبر او حواليه، عشان دي ذكرى القديس مارتن حسب تقليد الكنيسة، واللي كل ما احكي لحد على تقاليدها يشبهها بهالويين، فهي مختلفة جذرياَ.. صحيح الأولاد بيعدوا على البيوت برضه عشان ياخدوا حاجات حلوة بس الفكرة مختلفة، لأنها تمثلاً بالقديس مارتن اللي قسم البالطو بتاعه مع واحد فقير غلبان بردان، والقصة بتتحكي للأطفال في الحضانات والمدارس على مر الأسابيع اللي بيحضروا فيها "اللمبات" المزينة واللي بيمشوا بيها يغنوا لسان مارتن في الشوارع قبل ما يعدوا على البيوت.. وبغض النظر عن تأثير الكنايس على أوروبا في العصور الوسطى، واللي خلى كتير من التقاليد متأثرة بقصص دينية، بس مش دي قضيتي، لكن انا باتكلم عن القيم اللي ورا القصص، واللي هي فكرة ان احنا بنعدي على الناس عشان هما "هيشاركونا" بحاجاتهم ويدونا زي ما سان مارتن قسم حاجته مع الرجل الغلبان..

القيم اللي بيتعملها الأطفال هي المشاركة، والطلب بطريقة لطيفة، يعني الأطفال لازم يغنوا قدام البيت اغاني حلوة قبل ما يطلبوا الحاجات الحلوة، ومش بيهددوا الناس بحاجة لكن بيتعلموا ان المشاركة والعطاء قيم جميلة ومهمة...

أعتقد ان ده فرق كبير.. 

وبرا موضوع المقارنة:

لما بنتي سألتني: انتوا عندكم سان مارتن في مصر؟ قلتلها لا بس عندنا الحاجة اللي شبهه هي فوانيس رمضان، وحالو يا حالو رمضان كريم يا حالو ... حل الكيس وادينا بقشيش لا نروح ما نجيش يا حالو.. 
ورغم اني شخصياً عمري ما عشت ده بجد في مصر ، يعني كنا بنشتري الفانوس لكن اكيد مش هنلف في الشوارع بما ان "العادات والتقاليد دي بلدي اخر حاجة"، لكن انا شايفة فعلاً ان الفكرة هي نفسها، وهي برضه تختلف عن فكرة هالويين...

خسارة اننا في مصر بنعتبر ان العادات والتقاليد حاجة بلدي ويندور على أعياد دخيلة على ثقافتنا عشان نحتفل بها..