الأربعاء، 1 ديسمبر 2010

الطفل الجد يحب الجد


أتقابل مرة أسبوعياً مع عدد من الأمهات وأطفالهم، لنغني ونلعب معاً ونتشارك الخبرات، وقد فاجأتني القائمة على المجموعة هذا الأسبوع بتعليق دفعني إلى التفكير كثيراً... فقد قالت وهي تتأمل الأطفال السبعة، الذين تتراوح أعمارهم بين أربعة وستة أشهر: "كم هم جادون.... الجميع يتحدث عن الأطفال وهي تضحك كثيراً أو تبكي كثيراً، لكن قلما يتحدث أحد عن جدية الأطفال..."

ووجدتني أوافقها الرأي تماماً، فعندما أتأمل ابنتي الصغيرة، منذ أن كانت تبلغ شهراً وحتى اليوم وهي تقترب من بلوغ شهرها السادس، تدهشني جديتها الشديدة... فهاهي تتأمل أيديها بمنتهى التركيز والاستغراق، أو تتأمل لعبة جديدة، وقد تمضي عشرات الدقائق تنظر لتلك اللعبة وتقلبها بين أيديها.. وتلك النظرة الجادة تجعلني أنا أيضاً أنظر وأتساءل، ترى فيما تفكر؟؟؟؟ ترى كيف تفهم الأشياء وتراها؟؟؟ وهل يمكنني حقاً أن أنظر مرة أخرى للأشياء والحياة والأشخاص حولي بتلك النظرة المتأملة العميقة؟؟؟؟ تلك النظرة المستغرقة تماماً، التي لا يشتتها شيء ولا يخرجها من تأملها أحد..

كم من مرة دفعتني صغيرتي للنظر لشيء، أقابله في طريقي يومياً، ولكنني أبداً لم أنظر إليه... كل هذا دون كلام، دون تشتيت...

وكم من مرة أرى تلك المحاولات الجادة غير اليائسة للقيام بحركة جديدة، رفع الرأس مثلاً، أو تحريك القدمين على أمل أن تتمكن من الوصول إلى شيء لفت نظرها ... كم هي مستغرقة، وكم تحاول دون أن تيأس.. ربما تتعب، لكنها تعيد المحاولة مرات ومرات....

نتحدث دائماً عن "براءة الأطفال"، عن "لطفهم"، عن "بكائهم"، عن "نومهم" ولكننا بالفعل قلما نتحدث عن "جديتهم".... رغم أنني لو قسمت اليوم، لوجدت بالفعل أنها تقضي معظم أوقاتها في تلك "الأعمال الجادة"...